السبت، 4 فبراير 2012

فتاة الحي اللعوب . . هل تتوب؟


بسم الله الرحمن الرحيم

ولدت في بيت بسيط صغير ولكنه شريف . . لم يكن له هوية! أب بدوي وأم بحرية! . . لم يكن أحد يستطيع أن يقرر إن كانت جميلة أم لا!
كانت الجملة التي تصفها عادة أنها لا بأس بها . . هكذا  لابأس بها . . هي أيضاً ليست قبيحة !
تنمو بشكل معقول جسد صغير وفكر محدود لم تكن ذكية ولكنها ليست بالغبية!
كانت مشكلة حقيقية فهي ليست بدوية ولاحضرية، أبوها ابن قبيلة عظيمة وأمها ابنة عائلة كريمة ولكنها لاتنتسب إلى أكثر من جد رابع، لاجميلة ولاقبيحة، ليست مرحة ولا ثقيلة . . إلى آخر سلسلة اللاشيء واللاهوية وإن شئت فقل الهلامية.
راهقت البلوغ . . كانت عجينة جاهزة للتشكل . . لو تركت لحالها لترعرعت بسيطة نقية ولعاشت مثل غيرها من بنات مجتمعها طيبة نقية متدينة بدين البسطاء تصلي وتصوم وتفعل الخير . . تصون عرضها وتعمل بأرضها وتتزوج وتربي ولدها.
في يوم من الأيام في ثورة البلوغ . . وحين كان البلوغ في عرف من مثلها تأجج للحياء ونمو للشعور بخصوصيتها كأنثى كان لها موعد آخر مع الضياع.
قررت أن تغير حياتها . . رغبت في المجهول . . أرادت أن تكون جميلة ومحبوبة ومرغوبة . . أرادت أن تلفت الأعناق إليها وترهق الأقدام وراءها . . انتكست فطرتها أظلمت روحها اسود قلبها . . ماذا أصابها؟
أثناء كل ذلك ماتت أمها وبعدها بقليل وقع أبوها في قليب البيت وبدأت الشائعات أنها هي من دفعه إليه . . يقال أن ابن الجيران قد شاهد ذلك بنفسه لكنه كان طفلاً صغيراً جداً لاتقبل شهادته هذا مايشاع !!
خلا لها البيت سها عنها الجار انفلت العقال امتزج كل ذلك بروحها الظلامية الضالة المستعرة . . وابتدأت حبكة القصة . .
هاهي ذي بدأت تخرج متزينة في كل يوم أكثر من سابقه . . أخرجت كنز أبيها.
إنه نفس البئر الذي يقال أنها دفعته إليه . . هو نفسه مكان الكنز، ولكن بيتها بقي هو البيت الصغير وحيها هو الحي البسيط وجوارها هو نفسه لم يتغير ولكن طموحها يزيد وأفكارها المنحرفة لايشاركها فيها أحد من بنات الحي، أما أبناء الحي فينظرون إليها بريبة . .
خروجها المتكرر بزينتها التي تزيدها فتنة ولكنها لاتزيد جمالها المحدود . . تغنجها بالكلام حيناً وتنمرها على الرجال حيناً آخر لم يرغبهم ولم يرهبهم وبقيت هي ذات الفتاة الصغيرة التائهة بين طرفي كل حالة فلا هي مغرية مرغوبة ولا هي متروكة مهملة، ولاهي محترمة مقبولة ولا متنمرة منبوذة . .
إنها قصة الضياع . . هكذا سمت نفسها يوماً في نوبة بكاء مر في خلوة أخرى من خلوات الفشل عندما قيمت نفسها أمام المرآة . .
ومع ذلك فقد نجحت في إثارة الجلبة وإزعاج الجميع وعرف الجميع بوجود فتاة جديدة . . ولكنها استمراراً لقصة ضياعها لم يعتبرها أحد عفة ولم يعتبروها فاجرة ولم يعرفوا ماذا تريد ولكنهم فهموا أنها مزهوة بشبابها وأنها غير منضبطة . .
لقد نجحت فتاة قصتنا اللعوب في إثارة مدعي الفحولة في الحي وبدأوا في التقرب منها ليقال أنهم فحول رغم أن أحداً لم يقل أنها أنثى كاملة كما لم يقل أحد أنهم فحول حقيقيون . . لقد كان الجميع يعرف من تكون ومن يكونون . . إنهم جمل أخرى في قصة الضياع . .
لم يعد لها من بد إذاً من فحل مستورد لتثبت ذاتها . . فحل يعرف الجميع أن له صولات وجولات . . يقطن هناك . . بعيداً عن الحي الهاديء . . هناك في الأحياء الكئيبة المظلمة.
بالتأكيد لم يرده أحد في الجوار ولكن هاهو قد جاء وصار يبيت عندها . . أخيراً صار لها هوية . . أصبحت فتاة حكايتنا اللعوب أخيراً فاجرة . .
هاهم الجيران أقبل بعضهم على بعض يتلاومون . . أحسوا بالخطر . . وبالأخص جار المسجد وخادمه المتدين . . هل ستنازعه داره أم تنازعه مسجده أم تنازعه دينه؟ . . إنها فاعلة لامحالة . .
زادت فاجرة الحي في فجورها وتوسعت في جمع أشباه الفحول والمراهقين وبدأت تتطاول على الجيران القريبين والبعيدين . . بدأت تجمع عهرها وتطرحه كفكر هي رائدته . . كنز البئر لاينضب . . مازال يتدفق . . جملت دارها الصغيرة . . أصبحت أكثر صخباً . . لقد أصبحت فاجرة صاخبه . . !
لاحدود لفجور فتاة حكايتنا . . هاقد بدأت نشاطاً جديداً هي الآن تشارك فحلها المستورد في إفساد البيوت وتفكيك العوائل . . بالمال بصخبها بتعدي فحلها المستورد بغباء أشباه الفحول والمراهقين الذين ضللتهم، جوقة من الفسقة تسلطوا على البيوت القديمة المهلهلة وهاهم يدمرونها بحجة إصلاحها وفتحها للشمس والهواء والنور ولكن مالم يقولوه أنهم يريدونها مرتعاً لذلك الفحل الأجنبي المستورد . .
لا أدري ماهي نهاية الحكاية . . ولكن ما أعرفه أنني رأيت تلك الفاجرة البارحة وقد لبست حجاباً طلقته منذ طفولتها وأخذت مصحفاً خطته بيدها وجلست بين بيت خادم المسجد ومسجده وأخذت ترفع صوتها بالتلاوة والذكر . .
هل اهتدت؟ ولكن مازالت جوقة الفجار في بيتها . .
هل آبت؟ ولكن مازال صخب بيتها لاينخفض . .
هل ارعوت؟ ولكن ماتزال تعابير وجهها وجسدها تنضح فجورا . .
قصتها لم تكتمل . . سيخط المستقبل بنفسه النهاية