الأربعاء، 13 أبريل 2011

الشيعة في خطر

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آل محمد ومن استن بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان . . آمين
هل للشيعة عصاعص؟
كان الشيعة عالماً مجهولاً بالنسبة للكثيرين في العالم الإسلامي وحتى في بلدان يقطنها عدد لابأس به منهم مثل المملكة العربية السعودية وعندما أقول كان فإنني أتكلم عن أحقاب زمنية طويلة اختصرتها اليوم في سنوات بل وأيام وساعات وسائل الاتصال الحديثة بسطوة انتشارها ولهاثها الدائم للمادة الصحفية.
والعجيب أن هذا الجهل كان موجوداً حتى في أوساط بعض أهل العلم الشرعي الذين كانوا يملكون معلومات سطحية جداً عن الشيعة، بل الطامة أن الشيعة أنفسهم لم يكونوا يعلمون حقيقة المذهب وتفاصيله قبل الثورة الإيرانية كبداية والحوارات الحديثة التي تمثل الاكتشاف الأكبر للمذهب من قبل السنة والشيعة على حد سواء.
قبل خمسين سنه كان جل ماسيمازح به أحد أهل نجد مثلاً رجلاً من أهل القطيف سؤاله (هل للشيعة عصاعص؟) وحقيقةً كان هذا كل مايسمعه عنهم وربما كان سيمازحه بحكايات ألف ليلة وليلة عن ليلة عاشوراء، ومن جانبه كان القطيفي سيسأل (هل لأهل نجد عصاعص؟) لأنهم كانوا يردون بهذه المزحة على أهل نجد.
ثم ـ وانتبه لثم ـ سيذهب كل منهما لشأنه فإن كانا تاجرين أتما تجارتهما وإن كانا في الحج ذهب كل منهما لنسكه أو عابرا سبيل ذهب كل منهما لسبيله.
أما اليوم فبدلاً عن أن تتجه جهود الناس لعبادة الله وعمارة الأرض وتشييد الأوطان والذود عن حمى الأمة، بدلاً عن ذلك تم استدعاء التاريخ بمآسيه وكتب العقيدة بمصطلحاتها وكل شاردة وواردة تغذي الاصطفاف الطائفي، ودقت طبول المعركة وأشغلونا بالكر والفر  وكان وقودها الناس والوقت والدماء والأوطان.
نبدأ في الغوص في الموضوع
سأتجنب ما أمكنني الإفتاء في المذهب الشيعي فلست بفقيه شيعي ولا حتى سني ولكنني سأتكلم بما هو ظاهر المذهب من ما قرأناه في كتب الشيعة وبما وجدناه وسمعناه من كبار شيوخه الذين ملأو أوقات بث التلفزيون والراديو ومواقع الانترنت حتى أغنونا عن الاحتفاظ بالمراجع لإقناع الناس بصدق كلامنا قديماً حين كان الناس يرفضون تصديق بعض عقائد الشيعة، أما اليوم فهي في اليوتيوب وفي كل جوال بل وفي نشرات الأخبار.
لايحرض المذهب الشيعي على الفتنة ولايدعو للقتل ولايدعو لاستعداء الآخر في وقت الغيبة وهذه حقيقة لاجدوى من إنكارها، بل إن المذهب يحض أتباعه على الصبر والتحمل والانتظار وأكثر من ذلك المداهنة والتقية فالفرج قريب وصاحب الزمان لابد له من ظهور وحتى يأتي ذلك اليوم فلا مشاكل ولاقتال ولادولة، الصبر ثم الصبر.
في اعتقادي أن ذلك نشأ عن الورطة التي وقع فيها الشيعة بعد الإمام الحادي عشر وعدم ظهور المهدي وازدياد مدة الانتظار فنشأت عملية الانتظار والترقب كتكتيك ولكنها بعد ذلك ولطول المدة تحولت إلى استراتيجية وأحد أهم أساسيات المذهب.
تفيض الكتب والمصادر بما سيحدث بعد ظهور المهدي من مذابح وسفك للدماء وإقامة لحدود شرعية قديمة تعود لصدر الإسلام ويتعجب القاريء من الكلام عن الانتقام والتشفي وسب العرب والتقليل من شأنهم ولكن كل ذلك لم يكن له تأثير على وداعة الشيعة في مرحلة الانتظار ولم يتم استخدام هذا المخزون من الكره إلا في أوقات الفتن المذهبية وفي الوقت الحالي، وهي تمثل مشكلة حقيقية حيث أن اجترار التاريخ والبكاء الدائم والسوداوية التي تصبغ الحياة من تواريخ وفاة إلى أربعينيات إلى مآتم لايمكن أن تنتج شخصاً سوياً ترغب في مجاورته، ولا أدري حقيقة كيف للشيعة أن يحتملوا كل هذا البؤس الذي يدعهم إليه رجال الدين ويحرصون على أن يذكروهم به بكرة وعشيا.
رغم كل ذلك حافظ الشيعة على هدوئهم وتعاملهم مع محيطهم بنوع من الفصام، وحقيقة لايهم هذا الفصام مادام التعايش قائماً وماداموا لايستخدمون مخزونهم العقدي والتاريخي في التناحر مع الآخر أو إحداث الفتن فلينتظروا ونحن معهم من المنتظرين.
أين المشكلة؟
يوجد مشكلة جدية تكمن في أن حالة الترقب والانتظار من الممكن أن يمتطي ظهرها دعي ما فيجرف الشيعة معه إلى مستنقع الفتنة داخل الوسط الشيعي نفسه فضلاً عن فتنة أخرى مع السنة، ولنا في نبوءة الشيخ أحمد الأحسائي بظهور المهدي ومانتج عنها من فتنة البهائية التي عصفت بالشيعة أقرب مثل وليس الوحيد على إشكالية ادعاء المهدوية ومايمكن أن ينتج عنها من فتن، وإن كنت أرى أن هذه المسألة محسومة عند الشيعة حيث سيكونون أول من يتصدى لكل مدعٍ للمهدوية وستكون مشكلة داخل المذهب فقط.
المشكلة الكبرى في نظري تكمن في ممارسة صلاحيات المهدي المطلقة. فظهور المهدي يلزم كل شيعيٍ بالطاعة والسير مغمض العينين خلفه دون نقاش ولا رأي فالمهدي معصوم وفي مقام الأنبياء والرسل بل وينافسهم الصدارة، وهنا تأتي بدعة الولي الفقيه التي تمثل (في نظري على الأقل) الخطر الأكبر حالياً على الشيعة والسنة والتعايش المذهبي ومن مانراه اليوم نجد أن هذه البدعة خربت المنطقة بكاملها.
الولي الفقيه ينوب عن المهدي! هكذا وبكل بساطه قرر الشيعة أن يقيموا دولة دينية ولما لم تخدمهم النصوص الدينية صدو عنها وخلقوا بدعتهم المبتكرة، فإذا كان المذهب لايسمح بالحركة إلا بوجود المهدي فلماذا لاينوب عنه الفقيه في إقامة الدولة الدينية كما ينوب عنه في الإفتاء وأخذ الأخماس والصدقات؟! . . تطورت النظرية وبدأ أنصارها يتزايدون وإن خالفها كبار فقهاء المذهب والحوزات ولكن كرة الثلج تعاظمت ولم يعد أحد يستطيع أن يوقفها.
قامت الدولة وتولى الفقيه النيابة وبدأت صلاحيات المهدي المطلقة في الظهور رغم وجود مجالس استشارية وبرلمان ولكن المرجع الأخير هو الولي الفقيه ولاصوت يعلو على صوته وأول من اصطلى بناره كان الفقيه المخالف! . . فابتدأت معركة دينية في محاولة لإسكات كل صوت فقهي مخالف حتى لاينتقص من شرعية البدعة ويقلل من قيمتها عند الشيعة فالمشوار طويل والشرعية مطلوبة والمعركة لم تبدأ بعد.
بدأت دولة الولي الفقيه الفتية بحماس عظيم وبكل زخم الثورة وشعارات الإسلام والحرية والانعتاق وخالطتها شعوبية مقيتة ونظرة استعلاء عرقي وبدأت تنظر إلى محيطها على أنه الغنيمة الباردة والأنصار موجودون فالشيعة منتشرون في كل دول المنطقة وهم ملزمون بإطاعة المهدي وبالنتيجة الولي الفقيه.
تصدير الثورة
تفننت جمهورية إيران الإسلامية وهي الوليد الشرعي لولاية الفقيه في نشر فتنتها في المنطقة لتحقيق أهدافها التوسعية فابتكرت مصطلح (تصدير الثورة) وفي عودة إلى المخزون البكائي الشيعي العتيد وجدت ضالتها في دعوى نصرة المستضعفين والمطالبة بالحقوق وحثهم على الثورة المعقولة إنسانياً بسبب المظلمة الحقوقية المضخمة وشرعاً بسبب الإرث التاريخي العقدي.
مايهمني هنا هو أن هذا العمل الطائش حول الشيعة في المنطقة من مواطنين في وضع انتظار المهدي إلى أفراد في جيش المهدي المنتظر، بل أن الاستخبارات الإيرانية مافتئت تنظم وتدرب وتعد العدة بين الشباب وبين المعممين وصرفت على ذلك الجهد والمال والوقت.
ولم يتورع نظام الولي الفقيه عن أي فعل فهو يملك صلاحيات المهدي المنتظر فعمليات الاغتيال جائزة، تكديس المتفجرات في دول الخليج جائز، إذكاء القتل في لبنان وإن كان للفلسطينيين الذين تتباكى على قضيتهم جائز، تدنيس الحرم بالتظاهر والقتل تارةً وبالتفجير تارة أخرى جائز وأعتقد أن هذا أحط ماوصلت إليه ولاية الفقيه وأخطر مؤشر لما يمكن أن يصدر من هذا النظام الخبيث.
وإذا عدنا بعد كل هذا للنجدي فهو لن يتندر على القطيفي بالعصعص فقط وينتهي الأمر بل إنه سيصمه بالرافضي وسيعتقد أنه عميل للولي الفقيه الذي يتقرب إلى الله بطاعته، كما أن القطيفي سينظر إلى النجدي على أنه الناصبي المجرم عدو آل البيت. ولن يذهب كل منهما بعد ذلك في طريقه بل سيستحكم بينهما العداء وسيعد كل منهما العدة للآخر ويبيت ليله وهو على حذر منه.
هذا مايجنيه نظام الولي الفقيه على الشيعة وهذا مايعرضهم له حتى أصبحت سمعتهم في كل مكان أنهم مواطنون بولاء منقوص ولايمكن الركون إليهم ولاتصديقهم ولابد من أخذ الحذر منهم ومن تحركاتهم وربطها بإيران دائماً وبالولي الفقيه والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية.
أوجه كلمتي للشيعة وأقول إنكم على خطر عظيم ورغم تأكدي الشخصي من أنه يوجد من الشيعة من يحمل لبلده كل إخلاص ويفتديها بدمه وقد عايشت الشيعة وخالطتهم في أكثر من حين ووجدت منهم رجالاً مخلصين لوطنهم متآخين مع محيطهم وليسو في حاجة لتزكيتي لهم، إلا أن الأصوات العالية لعملاء بدعة ولاية الفقيه يفسدون جو التعايش السلمي في المنطقة ويشيعون جو الريبة والتخوف ويعملون على تفجير السلام الداخلي لكل بلد بناءً على بدعة ابتدعوها ولم يجدوا من يردعهم عنها.
أرى أن واجب الشيعة هو التيقظ لهذه الفتنة ورفض هذه البدعة ورفض التبعية المترتبة عليها، إن الأمر منوط بالشيعة أنفسهم فالبدعة ظهرت في مذهبهم واجتاحت المنطقة وأفسدت جوها فعليهم إذاً التصدي لها ومحاربتها.
وعلى الشيعة أن يعلموا أن التاريخ لن يعود للوراء فقد ظهر من المذهب ماكان خافياً وعرفه القاصي والداني ولينظروا إلى أنفسهم فقد عرفوا هم من مذهبهم ماكان خافياً عنهم وربما فوجئو بما عرفوا، فلابد إذاً والحال كذلك أن يبادروا إلى شرح وجهة نظرهم حول ما انكشف من عقائدهم والوصول إلى تطمين مقنع لجوارهم.
أنا لا أقصد بذلك تخوين الشيعة ابتداءً حتى يثبت العكس ولكنني أقول أن المشكلة قد وقعت في أوساطهم ابتداءً فكان عليهم المبادرة لإزالتها، كما أن نصوص التكفير والتفسيق ابتدأت من جهتهم لأهم رجالات الإسلام بعد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحابته فكان لابد لهم من الابتداء وتفسير أمرها لجوارهم الإسلامي.
بإمكاني أن أكتب كلاماً من قبيل مايطرحه البعض أنه لافرق بين المذهب الشيعي والسني وعبادتنا واحدة وما إلى هنالك من أوهام لاتقنع أحداً ولاتحل إشكالاً، ولكن لنتكلم بوضوح نحن نرى مذهب الشيعة مذهباً باطلاً لايصل بصاحبه إلى الجنة، وكذلك يرى الشيعة أن مذهب أهل السنة باطل ولايوصل إلى الجنة هذه هي الحقيقة وماسواها تخاريف جاهل أو داعية تقارب مايلبث أن يكتشف الحقيقة ويعود إلى هذه النقطة.
ولكننا في نفس الوقت لدينا عدد من الأصول الدينية المتشابهة ولدينا مشتركات من قبيل الوطن واللغة والمصير،وبالتالي لابد لنا من التعايش المبني على الوضوح فليكن لكل شرعته ومنهجه ولايتعرض للرموز الدينية للآخر، وهنا كثيراً مايتندر أهل السنة بقولهم للشيعة لاتسبوا الصحابة ولانسب أهل البيت وقد علم الشيعة أن أهل السنة يقدرون أهل البيت فضلاً عن أن يسبوهم، وهذا من عجيب الأمور فعلام الاستفزاز إذاً والتعرض للصحابة ونساء النبي ورجالات الإسلام في كل طبقة؟!
كان التعايش هو الأساس فأعيدوه كما كان، لن أعظكم في دينكم ولكن طبقوا وصايا المذهب وانتظروا المهدي فإذا ظهر فلن تجدوا داعياً لقتلنا لأننا إن شاء الله سنكون أول المتبعين، ولننصرف حتى ذلك اليوم لحفظ كرامة الإنسان وبناء الأوطان ونترك دولة ولاية الفقيه فما أراها والله إلا في زوال، ستزول دولة الفقيه وسيبقى الشيعة فلماذا يدمرون مستقبلهم مع جوارهم من أجل لحظة لن تدوم.
وتحياتي لكل الشيعة الشرفاء الذين رفضوا أن يتم استخدامهم كأدوات لأجهزة الاستخبارات والعمائم المشبوهة وأعانهم الله على مسؤوليتهم الجسيمة في الحفاظ على مجتمعاتهم ورد تدخلات الطامعين فيها ومناصحة الضال من إخوانهم. والله المستعان وهو الهادي إلى سواء السبيل.

هناك 4 تعليقات:

  1. بسم الله الرحمن الرحيم . .
    أجدني مضطراً للرد على مقالي أولاً للتوضيح . .
    بعد أن ناقشت موضوع المقال مع أحد الإخوان قبل حوالي أسبوعين وحددت أفكاره قمت بكتابته الأسبوع الماضي ونشرته البارحة بعد استشارة من أثق برأيه.
    وبعد النشر نبهني أحد الإخوة إلى تطابق أفكاره مع بعض أفكار الشيخ عمر بن عبدالعزيز الزيد التي طرحها في مقابلة معه في قناة المجد قبل عدة أيام . .
    ورغم أن الأمر فاجأني إلا أنه قد أسعدني لأنه يؤكد الفكرة وصحة الاستنتاج فالمنطق السليم لابد أن يوصلنا إلى نفس القناعات . .
    تحياتي لكم ولفضيلة الشيخ . .

    ردحذف
  2. اهلا و سهلا و مرحبا بك ... ارررحبوا *_^

    اخيرا وصلت مكانك ... حياك الله =)

    ردحذف
  3. أرجو النظر في هذا الرابط:
    http://www.jaraem.com/

    والله الموفق.

    ردحذف
  4. دائماً تعجبني طريقة عرضك وتبسيطك للأفكار المعقدة بأسلوب سلس وسهل. منطق جميل وكلام سليم.

    أبو عساف

    ردحذف